بين المناورات والتسريبات.. الجزائر تُسابق الزمن لتبرير هزيمتها

  • بتاريخ : أكتوبر 31, 2025 - 11:46 ص
  • الزيارات : 210
  • دخلت الدبلوماسية الجزائرية في حالة ارتباك واضح، تتخبط بين التسريبات والمناورات في محاولة لامتصاص صدمة قرار أممي يُتوقّع أن يُجدّد دعم المجتمع الدولي للموقف المغربي.

    في الساعات الأخيرة التي تسبق التصويت، تسابقت الصحف المقربة من السلطة في الجزائر إلى نشر سلسلة من “التسريبات” المنسوبة إلى مصادر دبلوماسية، أقرت ضمناً بخسارة وشيكة في هذا الملف الشائك. ووفق تلك المعلومات، فإن النسخة النهائية من مشروع القرار الأممي تُبقي على المقترح المغربي للحكم الذاتي باعتباره الإطار الوحيد للتفاوض، مستبعدة تماماً أي إشارة إلى خيارَي الاستفتاء أو تقرير المصير. وهكذا، يكرّس النص الأممي مجدداً الرؤية التي دافعت عنها الرباط منذ أكثر من عقد.

    الأوساط الدبلوماسية تشير إلى أن مشروع القرار يحظى بدعم واسع داخل مجلس الأمن، تتصدره واشنطن، فيما تستعد موسكو وبكين للامتناع عن التصويت دون استخدام حق “VETO”، وهو ما يجعل تمرير القرار شبه محسوم.

    الولايات المتحدة، بحسب ما نقلته صحيفة الخبر الجزائرية، لم تعد تكتفي بصياغة القرارات المتعلقة بالصحراء، بل أصبحت – كما تصفها الصحيفة – مهندسها السياسي. فقد رفضت الإدارة الأمريكية كل التعديلات التي اقترحتها الجزائر وحلفاؤها، معتبرة إياها “تفتقر إلى التوازن”. وتؤكد التسريبات أن الصيغة النهائية للقرار تُبقي على عبارة “السيادة المغربية على الصحراء” دون أي تغيير، في انسجام مع التوجه الأمريكي الذي يرى في مبادرة الحكم الذاتي الحل الواقعي والعملي للنزاع.

    وترى الجزائر في هذا الموقف استمراراً لنهج واشنطن منذ توقيع “اتفاقات أبراهام”، التي ربطت بين الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء ومسار التطبيع بين الرباط وتل أبيب. أما الدبلوماسيون الجزائريون فيصفون السلوك الأمريكي بأنه “انغلاق تام”، متهمين واشنطن بتجاهل التحفظات التي أبدتها بعض الدول الأعضاء في المجلس. غير أن الواقع الدبلوماسي يشير بوضوح إلى أن الكفة تميل أكثر فأكثر لصالح المغرب.

    في مواجهة هذا المشهد، اختارت الجزائر أسلوب “إدارة الأزمة”. فالحملة الإعلامية التي رافقت التسريبات لم تكن عشوائية، بل محاولة مدروسة لتخفيف وقع الهزيمة قبل وقوعها، وتقديمها للرأي العام على أنها نتيجة “انحياز أمريكي مطلق”، لا فشل في الحسابات الدبلوماسية.

    ورغم التحركات المحمومة في الكواليس، حيث كثّف وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف اتصالاته بنظرائه في روسيا والصين وباكستان، فإن هذه الجهود تبدو بلا جدوى تُذكر. فالدينامية الدولية تميل بوضوح إلى تثبيت المقاربة المغربية، فيما تجد الجزائر نفسها في موقع دفاعي متزايد العزلة.

    وخلال الساعات المقبلة، من المنتظر أن يصوّت مجلس الأمن على القرار الذي، إن أُقرّ كما هو متوقع، سيعزز من جديد الشرعية الدولية لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ويكرّس واقعاً دبلوماسياً جديداً يجعل من الجزائر الخاسر الأكبر في معركة طال أمدها.