بعدما كشف خيوطها «اليوم 24».. لجنة مركزية بفاس للتحقيق في صفقة «المعقمات المغشوشة»

0

المصدر : جريدة اليوم 24

عجلت وزارة الصحة بإيفاد لجنة من مفتشيتها العامة، والتي حلت يوم أول أمس الخميس بمقر المديرية الجهوية للصحة بمدينة فاس، وفتحت تحقيقا في هذه “الصفقة السامة”، كما وصفها مهنيو الصحة بالجهة من أطباء وممرضين وتقنيين، مطالبين بمحاسبة المتورطين فيها، خصوصا أنها جاءت في وقت حساس تزامن مع معركة الأطر الصحية بالخطوط الأمامية في مواجهة انتشار فيروس “كوفيد-19”. حدث ذلك بعد سلسلة مقالات نشرتها “أخبار اليوم”، تكشف فيها ملابسات القضية التي جرت محاولات لطمسها.

وعلمت “اليوم 24” من مصدر قريب من الموضوع، أن لجنة المفتشية العامة لوزارة الصحة، تتكون من مفتشة ومفتش قدما من الرباط، ومفتش ثالث تابع للمديرية الجهوية للصحة بفاس، حيث كلفهم وزير الصحة، خالد آيت الطالب، بالبحث والتحقيق في ملابسات الصفقة التي أبرمتها مؤخرا المديرية الجهوية للصحة مع شركة من مكناس، تزيد قيمتها عن مائة مليون سنتيم، همت مواد معقمة ومطهرة، “Gels Hydro Alcooliques”، موجهة للاستعمال من قبل الأطر الصحية بجميع فئاتهم بمستشفيات الجهة بالأقاليم التسعة، والذين يتعاملون ويستقبلون المرضى المصابين بفيروس “كوفيد-19″، أو الحالات المشتبه فيها، والتي ترد على هذه المستشفيات لإجراء. كشوفات وتحليلات مخبرية، أو غيرهم من المرضى الذين يستفيدون من الفحوصات المرتبطة بالعمل اليومي للمستشفيات

وزاد المصدر عينه أن لجنة التفتيش الوزارية، والتي استمر عملها خلال اليوم الأول حتى وقت متأخر من ليلة الخميس- الجمعة الأخيرة، تمكنت من الإطلاع على كل المستندات والوثائق التي تهم صفقة المعقمات والمطهرات (صفقة رقم”DRS 2020-20/”)، حيث استمعوا لتصريحات المدير الجهوي للصحة، المهدي البلوطي، ورئيس قسم الصفقات بالمديرية، وكذا رئيس الموارد البشرية، والذين تتبعوا مسطرة إبرام صفقة تفاوضية مع شركة يوجد مقرها الاجتماعي بمدينة مكناس، استجابة، كما قالوا للمفتشين، للطلبات الواردة على المديرية من مختلف مندوبياتها الإقليمية بالجهة، بعدما ارتفع الطلب على مواد التعقيم والمطهرات بسبب الحالة الوبائية المرتبطة بمرض كورونا، وهو نفس الكلام الذي ضمنته المديرية الجهوية للصحة في بلاغها الصحفي ليوم الاثنين الماضي.

وحسب ما أوردته آخر المعلومات التي حصلت عليها الموقع من مصادره الخاصة، فإن المدير الجهوي للصحة ورئيس قسم الصفقات، واجها صعوبات في تبرير إبرام المديرية لصفقة المواد الصيدلانية الخاصة بالمعقمات والمطهرات الطبية، مع شركة لا توجد ضمن لائحة الشركات والمختبرات المسموح لها بتزويد المستشفيات بالمواد الصيدلانية، والبالغ عددها 26 شركة، (حصلت الجريدة على نسخة منها)، حيث سبق لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة أن عممت في الـ9 من أبريل الماضي، أسماءها وعلاماتها التجارية وعناوين مقراتها بمختلف المدن والجهات، وهو ما شكل خرقا من المديرية، انكبت عليه معظم أسئلة المحققين في هذه الفضيحة، والذين أشهروا في وجه المسؤولين عن الصفقة المثيرة للجدل بفاس، قرار وزارة الصحة رقم79/DMP/00، والصادر في الـ17 من مارس الماضي، بخصوص المعقمات والمطهرات الطبية، والتي تسمح الوزارة باستعمالها في مستشفياتها لتعقيم وحدات العزل الطبي، ووقاية الأطر الصحية والمواطنين، للحد من انتشار فيروس “كوفيد-19”.

وأضافت المصادر عينها، أن باقي أسئلة المفتشين همت إنكار المديرية لواقعة استلامها كمية المعقمات من الشركة المتعاقد معها، بحسب ما سبق لها وأن اعلنت عنه في بلاغها الصحفي، ردا منها على مقالات “أخبار اليوم” ذات الصلة بصفقة المعقمات المثيرة للجدل، وهو ما يعاكس تصريحات متطابقة لمسؤولين آخرين بالمديرية، اعترفوا باستلام نصف الكمية، حيث دفعت هذه التناقضات باللجنة الوزارية، إلى أخذ تصريحات الطبيبة المسؤولة عن قسم الأدوية والصيدلة بالمديرية، والتي جرى استفسارها حول مشاركتها من عدمها في وضع كناش التحملات للصفقة المبرمة، ومعايير اختيار المديرية لشركة حديثة التأسيس، لا يوجد اسمها ضمن لائحة المختبرات والشركات المعترف بها من قبل وزارة الصحة، والمسموح التعاقد معها لتزويد المستشفيات بالمعقمات والمواد الصيدلانية.

نقطة محورية أخرى عمق فيها المفتشون تحرياتهم، همت المحاضر التي توصلت بها وزارة الصحة ومديريتها المركزية للأدوية والصيدلة، والصادرة عن مسؤولي الصيدليات بعدد من مستشفيات الجهة، والتي تسلمت كمية المعقمات الطبية، والتي وزعتها المديرية الجهوية للصحة بفاس على صيدليات مندوبياتها الإقليمية، بعكس ما يدعيه المدير الجهوي، حيث أنجز مسؤولو الصيدليات بخصوصها محاضر، (حصلت “أخبار اليوم” على نسخ منها)، تضمنت رفضهم توزيع المعقمات على الأطر الصحية بمستشفياتهم، وتركوها في علبها الكارتونية، وذلك بعدما تأكدوا، من خلال المعاينة، من عدم استجابتها للشروط الصحية والقانونية، كما هو مثبت في المحاضر التي اطلعت عليها الجريدة، وهو ما جعل أعضاء لجنة التفتيش الوزارية يقررون زيارة المستشفيات العمومية، والتي أنجز الصيدلانيون المسؤولون عنها، المحاضر التي تحفظت عن استلام المعقمات المشكوك في مصدرها.

آخر الأخبار التي توصل بها “اليوم 24” قبل إغلاق هذا العدد من الجريدة، كشفت أن لجنة المفتشية العامة بوزارة الصحة، حرصت على أخذ عينات من المعقمات والمطهرات موضوع أبحاثهم، لفك لغز هذه الصفقة، كما كثفوا من الأبحاث خلال حلولهم بالمديرية الجهوية للصحة، يوم أول أمس الخميس، حتى وقت متأخر من الليل، زاروا خلاله أقسام المديرية الجهوية والمستشفى الإقليمي الغساني، وابن البيطر القريب منه، وكذا مستشفى كوكار الذي توجد به وحدة لعزل ومعالجة مرضى “كوفيد-19″، قبل أن يتوجهوا مساء إلى المستشفى الإقليمي بصفرو، وبعده مستشفيات الوزارة بمدينة مكناس، والتي حصلت هي الأخرى على كميتها من صفقة المعقمات المثيرة للجدل.

هذا وينتظر أن تواصل اللجنة الوزارية جولاتها بباقي المستشفيات التي كانت موضوع هذه المواد الصيدلانية الطبية، خصوصا بالحاجب وإفران وصفرو وبولمان وتازة وتاونات، قبل أن يعود أفراد اللجنة بتقريرهم إلى وزير الصحة بالرباط، والذي تحرك عقب دخول رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على خط هذه الصفقة، والتي فجرتها نقابة قريبة من حزبه، حيث أمر وزيره في الصحة خالد آيت الطالب بفتح تحقيق في المواد المعقمة “Gels Hydro Alcooliques”، والتي مولت من صندوق تدبير “جائحة كورونا”، تقول مصادر “اليوم 24”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!