موجة عزل عدد من المجالس الجماعية المنتخبة بأكثر من إقليم وجهة بالمملكة وقرارات توقيف في حق رؤساء جماعات

موجة عزل عدد من المجالس الجماعية المنتخبة بأكثر من إقليم وجهة بالمملكة وقرارات توقيف في حق رؤساء جماعات

0

نحن امام دخول سياسي جديد ما يؤكد ربط المسؤولية بالمحاسبة ومتابعة كل مخالفين القانون التنظيمي للجماعات الترابية من اجل تحقيق النزاهة بعدما قرارات التوقيف والعزل في حق رؤساء جماعات تنذر بدخول سياسي حار بيدو أن موجة العزل التي طالت عددا من المجالس الجماعية المنتخبة في أكثر من إقليم وجهة بالمملكة أخيرا تنذر بدخول سياسي حارق، بعدما جددت قرارات التوقيف والعزل المتوالية في حق منتخبين سؤال تخليق الحياة السياسية ومدى التزام الأحزاب بالضوابط والقيم المثلى في تدبير الشأن العام عند منح تزكياتها لمرشحين أسقطوا بعد ذلك من قبل وزارة الداخلية وتوبعوا في القضاء بجرام الفساد ونهب المال العام.
وأثارت هذه التطورات الجديدة، أيضا، سؤالا آخر مرتبطا بتبني السلطات مقاربة “الحملة” في مكافحتها للفساد؟، بما يعيد إلى الأذهان “الحملة التطهيرية” التي شهدها المغرب في 1996، وأسقطت عددا كبيرا من المنتخبين والمسؤولين العموميين، بالإضافة إلى مخاوف أخرى متعلقة بالانتقائية في تطبيق القانون والعدالة من خلال متابعة رؤساء جماعات ترابية دون غيرها، خصوصا أن السنوات الماضية شهدت تناسل تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية في حق منتخبين كبار، حيث واصلوا مهامهم بشكل طبيعي حتى اعتقلوا وقدموا إلى المحاكمة بعد سنوات طويلة.
وبالنظر إلى الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنتظر المملكة بحلول 2030، اعتبر محللون أن الإرادة السياسية تسير في اتجاه إعمال القانون ودور المؤسسات في مكافحة الفساد وحماية المال العام، وسط دعوات بالانتقال من مساطر التوقيف والعزل في حق المنتخبين إلى المتابعات الجنائية، حيث يبرز دور النيابة العامة في تحريك المتابعة ضد المتورطين في أفعال ذات صبغة جنائية وترتيب الجزاءات القانونية عليهم ومصادرة أموالهم، في خطوة زجرية يرتقب أن تؤثر بشكل كبير على مستوى الممارسة في تدبير الشأن العام.
إعمال المتابعات الجنائية
لا شك في أن موجة عزل رؤساء الجماعات الترابية والمنتخبين ستؤدي إلى عدم استقرار داخل المجالس الجماعية؛ ما سيؤثر سلبا على استمرارية المشاريع والسير العادي لتنفيذ البرامج التنموية المحلية، ويعزز الصراعات الداخلية على السلطة والصلاحيات داخل هذه المجالس.
إن هذه التداعيات لا يمكن أن تغطي على أهمية تكريس مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” في أذهان المنتخبين والسياسيين الحاليين، وحتى المرشحين مستقبلا لخوض غمار تجربة تدبير الشأن العام، خصوصا أن القرارات الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية تمثل إشارة قوية لمحاربة الفساد وترسيخا لقوة إجراءات المراقبة ودور هيئات الرقابة المختلفة.
محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن منطق الحملة التطهيرية في محاربة الفساد، على غرار ما عرفه المغرب في 1996، يحمل دلالات انتقائية عند تطبيق القانون، معتبرا أن للحملة ضحايا، والواقع أن توقيف وعزل رؤساء الجماعات يجب أن يخضع لمبدأ إعمال القانون وقيام المؤسسات الرقابية بدورها بشكل تلقائي.
وأشار الغلوسي إلى أن حجم الرهانات التي تنتظر المملكة خلال السنوات المقبلة يؤكد ضرورة رفع مستوى مكافحة الفساد وحماية المال العام ومحاسبة المنتخبين، وحتى كبار المسؤولين في الإدارة الذين راكموا ثروات من خلال تدبير الشأن العام، منبها إلى أن موجة العزل تمثل مناسبة لتسريع إخراج الإطار التشريعي الخاص بتجريم الإثراء غير المشروع إلى حيز الوجود.
وأضاف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام أن الاكتفاء بعزل المنتخبين الذين تطالهم شبهات الفساد ونهب المال العام لا يمكن أن يحقق الأهداف الزجرية في هذا الشأن، موضحا أن المرحلة تستدعى الانتقال إلى المتابعات الجنائية للمتورطين في هذال النوع من الجرائم، لغاية إعادة الهيبة للقانون والقطع مع الانتقائية في تطبيق العدالة. وشدد المتحدث على أن حالة محمد مبديع، الوزير السابق ورئيس مجلس جماعة الفقيه بن صالح، المتابع حاليا أمام القضاء، أكبر دليل على ضرورة ترسيخ مبدأ حيادية القانون وتطبيقه على الجميع؛ ذلك أن هذا المسؤول شكل تدبيره للمجلس الجماعي موضوع تقارير كثيرة للمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية، حملت مجموعة من الخروقات والاختلالات؛ غير أنه ظل يزاول مهامه بعد ذلك لسنوات، قبل أن يتم اعتقاله بشكل مفاجئ، بتجرك من النيابة العامة.
اختلالات مالية خطيرة
شكلت الاختلالات المالية في تدبير المداخيل والموارد بالجماعات الترابية أهم الأسباب وراء قرارات التوقيف والعزل التي طالت رؤساء جماعات ترابية أخيرا، خصوصا بعد تسجيل وزارة الداخلية مجموعة من المشاكل والثغرات في تسيير ميزانيات الجماعات، حيث تمركزت موضوع عدد من المراسلات الصادرة عن الإدارة المركزية أخيرا؛ وهو ما جدد الجدل حول مدى التزام القائمين على تدبير الشأن العام بمعايير وشروط الحكامة والشفافية، علما أن أغلب المجالس الجماعية تعاني عجزا ماليا مزمنا منذ سنوات، لم تفلح قروض صندوق التجهيز الجماعي ولا حصص الدعم الموزعة برسم الضريبة على القيمة المضافة في تقلصيه والحد من تداعياته. وبالنسبة إلى زكرياء أقسيم، دكتور في الاقتصاد خبير في المالية العمومية، فنقص الشفافية في تدبير الموارد المالية بالجماعات الترابية ساهم في زيادة الفساد وسوء الإدارة، مؤكدا أن عدم توفر معلومات دقيقة وشفافة حول كيفية صرف الميزانية واستخدام الموارد أدى إلى فقدان الثقة بين المواطنين والمنتخبين، مشيرا إلى أن قرارات التوقيف والعزل الجديدة من شأنها إحياء الثقة في القانون والمؤسسات الرقابية التي ركزت في عمليات مراقبتها خلال السنوات الأخيرة على التثبت من كفاءة إدارات المجالس الجماعية في تحصيل الرسوم الجبائية المحلية، وتأثير ذلك على الميزانيات الجماعية وقدرات تمويل المشاريع والخدمات، حيث تؤدي اختلالات التحصيل بشكل رئيسي إلى نقص المداخيل اللازمة لتلبية حاجيات التسيير وتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية.
وأفاد أقسيم، في تصريح للصحافة بأن التلاعب في تحصيل الموارد الجبائية له تأثيرات عميقة وسلبية على الحكامة في الجماعات الترابية، منبها إلى ضرورة اتخاذ خطوات جدية لتعزيز الشفافية والمساءلة وتقوية الآليات الرقابية وتطبيق عقوبات فعالة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق التنمية المستدامة.وفي هذا الصدد، شدد الخبير في المالية العمومية على أهمية إرساء مساطر موحدة لتدبير النفقات على مستوى الجماعات وتزويدها بآليات افتحاص داخلية وخارجية، بالإضافة إلى سن إجراءات يمكنها المساعدة على استعادة الثقة بين المواطنين والمجالس المنتخبة، باعتبار تأثير ذلك على رفع مستوى الالتزام الجبائي، وتقليص المنازعات المرتبطة بتحصيل الرسوم المحلية التي يتعين أن يتم فصل استخلاصها عن الحسابات الانتخابية والسياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!