“قراءة في مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية” محور ندوة علمية باستئنافية تازة
"قراءة في مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية" محور ندوة علمية باستئنافية تازة
محمد حارص جمال بلــــة
شكل موضوع “قراءة في مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية” محور الندوة العلمية التي نظمتها محكمة الاستئناف بتازة، يومه الخميس 27 يونيو 2024.
وتهدف هذه الندوة العلمية، المنظمة بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بتازة والكلية متعددة التخصصات بتازة، والتي عرفت مشاركة ثلة من المهتمين من قضاة وأساتذة وباحثين، إلى المساهمة في النقاش العلمي الدائر حول مشروع القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطر المدنية، سيما على مستوى الضمانات الأساسية التي يمنحها مشروع هذا القانون للمنظومة القضائية، ومدى تمكنه من إعادة تنظيم إجراءات التقاضي بمقتضيات جديدة من شانها إعطاء دفعة قوية لتجاوز الصعوبات والإشكالات التي أفرزتها الممارسة القضائية في إطار تطبيق نص قانون المسطرة المدنية الحالي.
وفي كلمة بالمناسبة قال، الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بتازة، محمد الصقلي الحسيني، إن موضوع هذه الندوة العلمية له راهنيته الكبرى وأهميته الخاصة، ذلك انه يقارب مشروع قانون جديد من الأهمية بمكان، باعتباره يتضمن مجموعة من المستجدات الغاية منها تطوير إجراءات التقاضي ببلادنا، وجعلها متلائمة مع المرجعية الوطنية المتمثلة في الخطب والتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تأسيس مفهوم جديد لإصلاح شامل وعميق لمنظومة العدالة والأحكام الدستورية المتعلقة بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة والمنظومة التشريعية الناظمة لحماية الحقوق وتنظيم العلاقة بين مختلف مكونات العادلة داخل محاكم. فضلا عن المرجعية الدولية المجسدة في التوجهات التي تضمنتها قواعد الاتفاقيات الدولية بما تفرضه على نظام العدالة من كسب لتحدي توظيف التكنولوجيا الحديثة في الإجراءات والمساطر القضائية، وفق ما هو متعارف عليه دوليا.
وأضاف الرئيس الأول، أن موضوع الندوة يمكن من مطالعة مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية، باعتباره الشريعة العامة للتقاضي أمام مختلف المحاكم والوقوف من خلال ذلك على الدعائم المسطرية الأساسية التي تضمنها ولاسيما منها ما يرتبط بالعدالة الإجرائية والحلول التي أوردها لسد الفراغات وتنظيم الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة القضائية في ظل القانون الحالي الساري النفاذ.
من جانبه، قال محمد أقوير، الوكيل العام باستئنافية تازة، أن قانون المسطرة المدنية يعتبر جوهر العدالة ببلادنا، لتعلقه بتنظيم إجراءات ممارسة الحق في التقاضي، الذي أصبح مؤسسا دستوريا بموجب المادة 118 من دستور المملكة.
مضيفا، ان من بين الأهداف الكبرى لمشروع قانون المسطرة المدنية، الذي صادقت عليه الحكومة بتاريخ 23 غشت 2023، إضفاء صبغة الحكامة على نصوصه لجعله مواكبا للتطلعات التشريعية، التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية ومنسجما مع السياق الداخلي في شان الطفرة النوعية التي عرفتها المملكة في المجال التشريعي.
كما أكد ان مشروع القانون 23.02 يستجيب لطموحات عموم الفاعلين بمنظومة العدالة، وملبيا لدعوة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بخطاب 20 غشت 2009، والذي دعا من خلاله الحكومة إلى بلورة مخطط متكامل ومضبوط لتعزيز ضمانات استقلالية القضاء وتحديث المنظومة القانونية، كما دعا جلالته في نفس السياق، على الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وبطء العدالة.
وأضاف، ان مشروع المسطرة المدنية، لم يكن مجرد مشروع خيار تشريعي املته ظرفية معينة، بل هو إقتناع استراتيجي راسخ لاستكمال البناء الحديث في مجال التشريع والقضاء، لما كان مبدا تقريب القضاء من المتقاضين من اهم المبادئ التي جاء بها قانون التنظيم القضائي الجديد، حيث يبقى تحقيق أهدافه رهين بتطبيق المساطر.
وفي تصريح لجريدة الإخبارية 24 ، قال الدكتور الطاهر كركري، عن الكلية متعددة التخصصات بتازة، ان الندوة العلمية المنظمة من طرف استئنافية تازة، ونقابة هيئة المحامين بتازة، بشراكة مع الكلية متعددة التخصصات، حول القانون 23,02 المتعلق بالمسطرة المدنية، وهو المشروع الذي طالما انتظره الباحثون القانونيين وكذلك الجهات المختصة بالتقاضي والمتقاضيين وغيرهم، هو مشروع جد مهم، جاء بمجموعة من الإيجابيات الكثيرة والمتعددة والمتنوعة التي لم تكن من قبل، خاصة ما يتعلق بجانب الرقمنة والتكنولوجيا الالكترونية التي تهم مثلا التبليغات والتنفيذ القضائي، وترقيم الأحكام القضائية وتوجيه الاستدعاءات لجميع المتقاضين عبر منصة تديرها وزارة العدل، بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومحكمة النقض.
وأضاف الطاهر كركري، أتى هذا المشروع بمجموعة من المستجدات القانونية، كإنشاء حسابات خاصة بالإدارات والمؤسسات العمومية وكذلك المهن القانونية الأخرى، وهو ما سيسهل المأمورية ويوفر زمن التقاضي.
الأستاذ يونس زعراوي، عن هيئة المحامين بتازة، قال في تصريح مماثل، القانون الذي انتظره الجميع، سواء من باحثين أو فاعلون بالمجال القضائي والقانوني، وهو المشروع الذي يأتي ضمن سياق تجسيد الإرادة الملكية التي عبر عنها الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت 2009، وفي إطار توجيه الحكومة للشروع في تفعيل مشروع إصلاح القضاء، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تأسيس مفهوم جديد لإصلاح منظومة العدالة يقوم على قضاء خدمة المواطن قريب من المتقاضين ويلبي حاجياته بنجاعة وفعالية.
الندوة عالج خلالها المتدخلون عبر جلستين علميتين، همت الأولى، تأملات في أهم مستجدات مشروع القانون رٌم 23,02 يتعلق بالمسطرة المدنية. والثانية، التقاضي الإلكتروني من خلال مشروع القانون رقم 23,02 بتعلق بالمسطرة المدنية. حيث أجمع المتدخلون على ان دخول هذا القانون لحيز التنفيذ، سيساهم في الرفع من النجاعة القضائية على مستوى مختلف درجات التقاضي وأنواع الهيئات القضائية، وهو ما يمكن من ترسيخ الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق بسيادة القانون، وعمادا للأمن القضائي، والحكامة القانونية الجيدة، ومحفزا قويا لتنمية.