وقفة على انتخابات 2021 القنيطرة حينما تغير الوجوه السرمدية طلاء وجهها

0

الجزء الثاني

محمد العوش

مجمل الحملات الانتخابية التي خرج فيها قادة التحالف المنتهية صلاحيته ووجهت برد فعل رافض و عنيف ، كتعبير عن الامتعاض و الرفض لمخزون الكذب الذي فاحت روائحه ، و التي لم تسعفه خرجات “شعبوية بنكيران” و حلقته التهديدية التي أطلقها إما “المصباح” أو “الفوضى” في لعبة القط و الفأر و المناورة مع جهاز الدولة ، كما وقع خلال الاستحقاقات السابقة ، و لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من ماء وجه أصبح فاقع اللون نتيجة انكشاف كل مساحيق التجميل التي حاول الحزب درها على الوجوه قبل العيون ، حيث غذت كلمة “إرحل” ملازمة لكل ترحال نظمه رموز حزب “المصباح” ، كما وقع لزعيمه ، سعد الدين العثماني ، في خرجته الدعائية بحي المحيط بالرباط ، و لم يكن حال زميله في القيادة ، عمدة مدينة فاس و رئيس المجلس الوطني لذات الحزب ، إدريس الأزمي الادريسي ، خلال جولته بالمدينة العتيقة بأحسن حال ، إذ تعرض لنفس الوضع المهين حيث طالبته الجماهير ب “الرحيل” ، إضافة إلى ما وقع لعمدة مكناس الذراع القوي في جوقة المصباح ، عبد الله بوانو ، الذي صاحبت خرجته بمكناس نفس المهزلة ، و التي كادت في حالتي فاس و مكناس أن تتحول إلى مشادات و اشتباكات ، و في الجهة المقابلة فضلت بعض الوجوه المحسوبة على نفس التيار الركون إلى الزوايا المغلقة و تلافي الخروج و مواجهة حقيقة الشارع التي خبرها زملاءهم كما هو حال ، الوزير و رئيس المجلس البلدي بالقنيطرة ، عزيز الرباح .
زعماء “المصباح” اعتبروا الوضع “مؤامرة” تستهدف الحزب من قبل من أسموهم ب “البلطجية” المحسوبين على أحد الأحزاب السياسية ، كاستكمال لهجوم “الأزمي” و “بنكيران” على حزب “الحمامة” التي يبدو أنها بدأت تبتلع قواعد “المصباح” في فسيفساء السوق الانتخابي المغربي .
الأكيد أن الاتهامات و الاتهامات المضادة لا تعكس إلا حقيقة واحدة و هي “خواء” كل المشاريع الحكومية السابقة كما اللاحقة في الإجابة عن القضايا الاستراتيجية المصيرية للأمة ، و تحقيق الرفاه المجتمعي الذي تم الدوس عليه لفائدة “بزولة” رأس المال و سلطتي الفساد و الريع و التي لا تختلف أغلب التيارات السياسية في الدفاع عن فوائده المتراكمة شهريا .
فأن يخرج خطباء “الحلقة” ليقدموا المواعظ و الدروس باسم الحق الذي راكموه ملايين ترصد شهريا عبر ريع سياسي مع سبق الإصرار و الترصد لتحقيق المنافع الشخصية بدل لغة العويل و التهديد بالفوضى التي لا تعني إلا المزيد من الكعك الحكومي الذي يعني المزيد من الامتيازات و الفوائد المباشرة .
إن الأحزاب التي لا زالت لم توفر للمواطن في عاصمة الغرب حتى وسيلة نقل و التي راكمت رساميل لأولياء نعم بالولاءات أو التبني من خلال ضخ غنيمة أرباح من خلال هاته الفوضى باسم المصلحة العامة التي لا تعني إلا المزيد من تركيم الثروات ، و التي شكلت محطة إجماع لمختلف التيارات السياسية و كـأن الأمر جلل لدرجة أن يعتبر في عهدة الراسبين أو الفائزين إنجازا يستحق التصويت و الثناء .
إن المشاريع المقترحة لا تعكس عمق المعاناة التي يعيشها عموم الشعب لأنها تتحدث عن حلحلة الأزمة بدل الإنكباب الفعلي على إيجاد مخارج محلية و جهوية و مركزية لمختلف المشاكل التي يعيش في كنفها المواطن في عاصمة الغرب الغرب ذات الامتيازات الاقتصادية الهائلة و الاستثمارات الضخمة و التي لم تستطع مص الأزمة الاجتماعية الخانقة من جهة البطالة و ارتفاع معدل الجريمة .
مشاريع كبرى عطلت بقرار لامسؤول كما هو حال المركب الثقافي بالقنيطرة الذي لا زال يراوح المكان شأنه شأن قضم كل المساحات الخضراء لفائدة التبليط الذي طغى على كل ما هو جميل في هذا المدار الأخضر سابقا .
إن المطلوب أكثر ليس شعارات ، لا تخدم إلا سدنة القبيلة و عصبياتها ، بل توفر إرادة حقيقية للنهوض بعاصمة الغرب ، كما باقي مدن المملكة تحقيقا للتنمية و التنمية المستدامة التي تقتل مع طغيان البراغماتية في التدبير الاقتصادي و الاجتماعي و حتى على صعيد الحريات ، و محاسبة كافة المتورطين في عرقلة هذه المشاريع .
إن المطلوب ليس تغير الألوان السياسية و الأسماء التي أصبحت ملازمة لحركة الترحال الحزبي و دعم السلف و التنصل من الماضي المأساوي الذي هم جميعا جزء لا يتجزأ من تركيبته .
فليس المطلوب النبش في الأسماء و سرمدية علاقتها بالمؤسسات النيابية و الجماعية و الجهوية و التي شاخت و لم تبرح الكرسي و تدود عنه تطبيقا لصرخة معاوية “عضوا عليها بالنواجذ” ، بل أن بعض الأحزاب أصبحت ضيعات مملوكة لأسر معينة كما هو حال بعض الأحزاب بعاصمة الغرب ، كما أن “فوزي الشعبي” الخارج من عباءة “المصباح” بعد انفصام حبل العشق الممنوع في علاقة غرامية تقاسما فيها المنافع و حظوة الوصول للمؤسسات النيابية ، في تلاق سلطتي المال و استغلال الدين لتحقيق النفعية المحضة ، كما أن بعض الوجوه قد أعطت الدليل سابقا على فشل تدبيرها لكنها تعود من جديد و من أبواب متعددة ، و عبر فوهات رموز مغايرة لتلك التي تربوا في حضنها نتيجة حسابات الجامع بينها أنها لا تعبر عن آمال و مطامح الجماهير الشعبية في عاصمة الغرب و في عموم ربوع الوطن و ضمن وضع داخلي متفجر أتى بوجوه لمحاولة ململة ما يمكن ململته في الوضع الداخلي كما هو الحال في حزب “الحمامة” و الرهان على “أنس البوعناني” ، رئيس هيئة الموثقين بالقنيطرة ، و عودة “محمد تلموست” من بوابة حزب “النخلة” بعد إدارته للمجلس لسنوات عدة .
إن ما يمكن تلمسه هو حرب ضروس تدور على طول خريطة الوطن الجريح من أجل الظفر بالكرسي المؤهل للمسؤولية محليا أو جهويا أو مركزيا في ظل رقم قياسي من الأسماء المهاجرة من ألوان سياسية متعددة خاصة في اتجاه حزب “الحمامة” .
فهل سنشهد تهاوي إمبراطوريات “الرباح” و البيجيدي وطنيا أمام تحالفات اجتمعت على قهر “المصباح” الذي يعيش أسوأ حالاته نتيجة خلافاته الداخلية و التي لن تستطيع شطحات “بنكيران” أن تعيد اللحمة لأي شيء مع تهاوي المشاريع الأخلاقية التي كانوا يمررونها لعموم الشعب ك”أسبيرين” لتحقيق إجماع أخلاقي ، سقط مع “التطبيع” و تمرير قانوني “الفرنسة” و “الكيف” ، الأمر الذي عجل بحدوث تصدعات داخلية أصابت الحزب بمقتل بعد أن عرته اجتماعيا نتيجة السياسات اللاشعبية التي فجرها بقتل آخر قلاع صمود عموم الشعب المغربي الكادح و حتى الفئات المتوسطة التي ضاقت أوزار أزمة زادت من حدتها أزمة “كورونا” و تخبط الحكومة في إيجاد علاج فعال يخفف من معاناة عموم الشعب ، و التي عكستها نتيجة اندحار الاتحاد الوطني للشغل الذراع النقابي للحزب في الانتخابات المهنية و كلك تهاوي صولة الحزب في انتخابات الغرف .
و الملاحظة العامة التي يمكن تسجيلها هي سطوة الأعيان داخل معظم الأحزاب السياسية التقليدية مما يغذي حضور القبيلة كمفهوم اجتماعي و عائلي و اقتصادي و بالتالي العصبيات المصاحبة لمنطق القبيلة في تحقيق أكبر اصطفاف نفعي مصلحي لكل الأفخاذ و المريدين من ذوي القربى و الولاءات .
و ما يعزز هذا التوجه هو أنه و على الرغم من أن الاقتراع هو باللائحة إلا أن الحظوظ الأوفر تبقى لرؤوس اللوائح التي تصبح مجالا للمزايدات و تخضع بالتالي للعرض و الطلب على الرغم من أن النظام الانتخابي المعتمد في المغرب هو نظام لائحي ، لكن مع اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين ، تحولت المسألة من اللائحة إلى حظوظ المرشح الأول فيها ، و بالتالي ، أصبحنا و كأننا نعتمد الاقتراع الفردي ، الذي يعتمد على خصائص المرشح ، إما أن يكون من الأعيان و رجال الأعمال ، أو أن ينتمي لقبيلة معينة أو يقدم خدمات ، و هذا ما يفسر تنافس الأحزاب في الآونة الأخيرة على استقطاب هؤلاء الأشخاص .
إن وضع المشهد السياسي الحالي و مع غياب برامج فعلية يحوله في شموليته إلى شعارات يقودها أفراد من ذوي السطوة و المال و الحضور ضمن القبيلة باسم سلطتي “المال” أو “الدين” بعيدا عن الولاءات الحزبية ، على أن النسبة الكبرى و الحزب الأكبر في البلاد مكون من “أغلبية صامتة” فضلت العزوف عن التصويت بعيدا حتى عن كل تسييس للموقف “إسلاميا” أو “يساريا” ، و هو ما تؤكده التوقعات التي تبرز أن نسبة المشاركة ستكون متدنية جدا في الانتخابات المقبلة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!