حكيمة القرقوري
تعتبر النظرية الوظيفية إطارا لفهم موضوعات الأسرة، حيث تواجه متطلّبات عديدة نظراً لتعدّد الاهتمامات والموضوعات المتاحة داخل نطاق الأسرة مثل العلاقات بين الزوج والزوجة والأبناء، وكذلك التأثيرات المنبعثة من الأنساق الأخرى في المجتمع الكبير كالتعليم والاقتصاد والسياسة والدين والمهن على الحياة الأسريَّة وبالتالي تأثير هذه الحياة على تلك الأنساق وفي ما يلي يمككنا التطرق إلى طبيعة التواصل داخل الأسرة وتأثيره على العلاقات بين أفرادها:
طبيعة التواصل الأسري:
التواصل العاطفي :
يقصد به توفير صلات عاطفية تربط بين كل أطراف الحياة الزوجية والأسرية وأيضا تكامل الأسرة من حيث توحد الاتجاهات والمواقف بين عناصرها ومن حيث التماسك والتضامن في الوظائف والعمل المشترك .
– التواصل السلطوي:
يسعى الآباء والأمهات في هذا النمط إلى الحصول على الطاعة العمياء للأبناء، دون أدنى مناقشة، باعتقادهم أن الطاعة هي أهم سلوك يجب أن يتعلمه أطفالهم. وغالبا ما يستعمل هذا النوع الأسر طريقة العقاب الجسدي، وهي طريقة لن تكون نتيجتها سوى الخوف والتمرد، عكس توقعات الاباء والامهات.
– التواصل الديمقراطي:
هو الحل الدي يتوسط التواصل العاطفي والتواصل السلطوي وهو عبارة عن نُظم وقوانين، لكن أيضا مساحة من الحرية، ويقوم على أساس الحوار والمناقشة، لأنه الضروري أن نشرح للأبناء أهمية القوانين والقواعد وسبب اعتمادها، بل وإشراكهم في وضعها وتنفيذها وهذا سيعلمهم الاعتماد على النفس وضبط الذات .
وبحديثنا عن طبيعة التواصل الاسري لابد لنا من الإشارة إلى كيفية تأثيره على الواقع
الإجتماعي من خلال أنماط هذا التواصل على اعتبارأن الأطفال يتواصلون إجتماعيا داخل الأسرة المتفاعله،وتؤثرعلى إدراك الطفل للعالم الخارجي، ومن أهم أعمدة هذه النظرية أن التفاعلات الأسرية اليومية التي تعمل مثل النماذج أو المخططات تحمل رسائل للطفل يخزنها في عقله الباطن أو ما يطلق عليها التمثيلات المعرفية والتي
يستمد منها الطفل طريقة تفاعله مع العالم، وتتطور هذه التمثيلات المعرفة من مرحلة الطفولة حتى مرحلة البلوغ. وتتجلى هذه الأنماط في ما يلي:
1-التواصل الزواجي:
ويقصد به تواصل الزوجين معاً وتفاهمها معاً حول حياتهما الزواجية الأسرية، وتبادل مشاعر الود والاحترام بينهما، ويعد التواصل بين الزوجين أهم مجالات التواصل الأسري، لأهمية الزواج في بناء الأسرة وفي الإنجاب، ودور العلاقة الزواجية في استقرار الأسرة وتماسكها.
2-التواصل الأبوي:
ويقصد به تواصل الأب مع ابنه أو ابتنه، وحوارهما معاً وتفاهمها حول ما يريده كل منها من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام والاهتمام والرعاية والحماية، ويعد تواصل الأب مع أبنائه وبناته من أهم الركائز التي تقوم عليها التنشئة الاجتماعية، وبناء شخصية الابن أو الابنة.
3-التواصل الأمومي:
ويقصد به تواصل الأم مع أبنها أو ابنتها، وحوراهما معاً، وتفاهمها حول ما يريده كل منها من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والمحبة والاحترام والرعاية والحماية والاهتمام، ولايقل تواصل الأم مع أبنائها وبناتها أهمية عن التواصل الأبوي، إن لم يكن يفوقه تأثيراً في التنشئة الاجتماعية وبناء شخصية الابن أو الابنة، وينطبق ما اشرنا غليه من إيجابيات وسليبيات في التواصل الأبوي على التواصل الأمومي، لآن الأب والأم هما الكبيران في الآسرة المهيمنان في حياة الآبناء.
4-تواصل البنوة:
أما تواصل البنوة فيكون من الأبناء إلى الآباء، حيث يدير الأبناء الحوار، ويؤثرون في الآباء، ويقصد به تواصل الابن أو الابنة مع أبيه وأمه، وحوراه معهما، وتفاهمه معهما حول ما يريده كل منهما من الآخر، وتبادل الابن مشاعر الود والرحمة والاحترام مع والديه ويشغل تواصل البنوة حيزاً كبيراً في الأسرة المسلمة، فقد أمر الله أبناء المسلمين ببر الوالدين، وحرّم عليهم عقوقهما
ويؤدي تواصل الابن الجيد مع أبيه وأمه، وبره بهما إلى استقرار الأسرة وتماسكها، ويشبع حاجات الآباء الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية، ويحميهما من الأمراض والأوجاع, ناهيك عن تأثيره على الأبناء والأحفاد، والبركة التي يحصلون عليها في العمر والرزق، ورضا الله في الدنيا والآخرة.
أما تواصل الابن أو الابنة مع أبيه وأمه تواصلاً رديئاً، وعقوقه لهما، فإنه يحرمهما من الاستقرار النفسي، ومن إشباع حاجاتهما، ويعرضهما للأمراض والأوجاع والانحرافات النفسية.
5-تواصل الأخوة:
ويقصد به تفاهم الأخ أو الأخت مع أخيه أو أخته، وحوارهما معاً حول ما يريده كل منهما من الآخر، وتبادلهما مشاعر الود والاحترام والمساندة والمساعدة والمواساة
ويقدم تواصل الأخوة على رباط الدم وصلة الرحم التي تربط بين الأخ وأخيه
وهكذا يمكن القول أن موضوع التواصل الأسري يحضى بأهمية بالغة نظرا لارتباطه بمؤسسة الأسرةهذه الأخيرة تعد بمثابة اللبنة الاساس للمجتمع وأن التنظيم الأسري القائم على التواصل البناء والفعال يمكن أن يساهم بشكل كبير في الرفع من أداء الفرد داخل هرم الوسط الاجتماعي
وفي المقابل فإن الجسم الأسري غير الممنع بثقافة التواصل الايجابي داخل الأسرة يكون عرضة لكل الهزات القلبية التي قد تعصف به كل وقت وحين.
لائحة البيبليوغرافيا:
جابر عوض حسن: الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة والطفولة، الاسكندرية، 2000 ،.ص(7-8)
-خليل أحمد خليل: المفاهيم الأساسية لعلم الاجتماع، دار الحداثة، مصر، 1984 ،ص60
-محمد حسن: الأسـرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية، بيروت (لبنان)، 1981 ،ص02
-سوهيلة لغرس : الاتصال الأسري والتنشئة الاجتماعية: مقاربة نظرية حول المفاهيم والعلاقة.
-الطيب العيادي :محاضرات«مادة سوسيولوجيا الاتصال المؤسسي»
-عبدالكریم بكار: التواصل الأسري، دار وجوه، ط3 ,السعودیة، 2011م، ص16.
-فؤاد أبو حطب ومحمد سیف: معجم علم النفس والتربیة، الهیئة العامة للشؤون المطابع الأمیریة, مصر، 1984م، ص8 .
-كمال باشرة: المناخ المدرسي وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي للمراهق، مذكرة ماجستیر, قسم الصحة النفسیة ، معهد عل م النفس والتربیة، جامعة وهران ،الجزائر, 2012م، ص25
-أسالیب التواصل الأسري و علاقته بأنماط التفاعل لدى تلامیذ المرحلة النهائیة بثانویة المدخل الغربي ـ دراسة