“سندات الطلب”.. شبهات التحايل والتلاعب بالصفقات تحوم حول رؤساء جماعات
“سندات الطلب”.. شبهات التحايل والتلاعب بالصفقات تحوم حول رؤساء جماعات
رغم صدور قرار من الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، يهدف إلى رقمنة جميع المساطر والوثائق المتعلقة بالصفقات العمومية، إلا أن العديد من رؤساء الجماعات ما يزالون يستغلون “ثغرات قانونية” في سندات الطلب لتحقيق “مكاسب غير مشروعة”.
وتم خلال السنة الفارطة، إبرام 41 سند طلب بقيمة تفوق 227 مليون سنتيم، لكن تلك العمليات لم تخلُ من “شبهات التلاعب والتحايل”.
القرار الجديد يشترط على الجماعات الترابية والقطاعات الحكومية، نشر إعلانات الشراء المرتبطة بسندات الطلب عبر بوابة الصفقات العمومية، لفترة لا تقل عن 48 ساعة، بهدف إتاحة الفرصة للمنافسة العادلة بين الشركات.
غير أن بعض الجماعات، تستغل الاستثناءات القانونية لعدم نشر هذه الإعلانات، مما يؤدي إلى احتكار بعض الشركات لمجموعة من الصفقات، وهو ما يثير تساؤلات حول نزاهة وشفافية هذه العمليات”.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، صافي الدين البودالي، خطورة استخدام سندات الطلب كأداة لتفويت الصفقات العمومية، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات تتعارض مع مبدأ المنافسة النزيهة والقوانين المنظمة للصفقات العمومية.
وأشار البودالي إلى أن سندات الطلب أصبحت وسيلة لبعض رؤساء الجماعات والمجالس الإقليمية والجهوية لتفادي الإعلان عن الصفقات التي تستوجب تنافسية بين الشركات، وبدلًا من اعتماد الشفافية عبر دفتر التحملات وإجراء مراقبة صارمة للأعمال المنجزة، يتم اللجوء إلى سندات الطلب التي لا تخضع لتلك المعايير الصارمة.
وأضاف رئيس الفرع الجهوي جمعية حماية المال العام بجهة مراكش أسفي، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن الهدف من ذلك هو تحقيق الاستفادة القصوى من المبالغ المرصودة للعمليات التنموية بطرق غير مشروعة.
وأوضح البودالي أنه يتم تقسيم بعض المشاريع الكبرى، مثل بناء الطرق، إلى أجزاء صغيرة تفادياً لإعلان الصفقات، وبالتالي تحويلها إلى سندات طلب يمكن تمريرها بسهولة.
وأكد المتحدث ذاته، أن المستفيدين من هذه الممارسات غالبًا ما يكونون رؤساء الجماعات أو مسؤولي الشركات المرتبطة بهم، مشددًا على أن هذه الأساليب “تشكل تهربًا واضحًا من الالتزام بالشفافية المطلوبة”.
ونبه رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى قضية تفويت بعض المشاريع بشكل مباشر دون منافسة، وضرب مثالًا بتفويت عقد إشهار لشركة معروفة دون إتاحة الفرصة لباقي الشركات لتقديم عروضها، ما أدى إلى صرف مبالغ ضخمة تُقدر بمليار درهم لصالح تلك الشركة.
واعتبر أن هذا النوع من الصفقات، المتم عبر سندات الطلب، يُعد خروجًا على القانون، حيث يُفترض الإعلان عن الصفقة، وتحديد شروط واضحة عبر دفتر التحملات.
وأوضح البودالي أن العديد من رؤساء الجماعات يلجأون إلى سندات الطلب خلال نهاية السنة المالية لاستنفاد الاعتمادات المالية المتبقية، بدلًا من إطلاق صفقات تخضع للدراسة والمنافسة.
كما عبر في المقابل عن استنكاره للعلاقات والمصالح المشتركة التي تتحكم في هذه الصفقات، والتي تأتي على حساب المصلحة العامة.
وخلص رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، صافي الدين البودالي إلى أن المقاولات غير المحظوظة أو تلك التي لا تجد دعمًا سياسيًا أو إداريًا تلجأ إلى القطاع الخاص، في حين تحتكر بعض الشركات الكبرى الصفقات العمومية الكبرى.
وأضاف أن الحكومة تبدو حريصة على حماية مصالح شركات معينة للحيلولة دون سقوطها في ظل المنافسة، وخاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على الريع.