المثقفون الحقيقيون خارج الساحة الثقافية

0

مليكة بوخاري/ القنيطرة

 ان كان المثقف هو ذاك المشحون بالماضي و المسكون بالمستقبل الذي يستقي مفهومه عن الثقافة من الواقع و من عفوية الأمهات و حزم الآباء، و التي تشكل الخميرة للفرد و بعدها تأتي ثقافة الكتاب التي لا تعني في عمومياتها سواء استعمال العلم و المعرفة من أجل التغيير و نشدان الحقيقة في ذاتها .

ضمن هذا السياق يمكن ان نؤطر حضور الثقافي، و لكن إذا ما حاولنا تلمس الواقع الحالي نلاحظ أن المشكلة الأساسية التي تواجهنا في عالم اليوم هي مشكلة عدم الاهتمام بالكتاب حتى لدى المثقفين بعد  تخرجهم من الجامعات و المعاهد، و هو ما تؤكده الأرقام المسجلة خاصة في مجتمعات شبيهة بمجتمعاتنا، خاصة مع التقدم الهائل الذي حصل على مستوى أدوات التواصل الحديثة ،  و التي خلقت نوعا من الكسل المعرفي ليس علوى مستوى الكم المعرفي بل حتى على مستوى المواضيع المتابعة عينها ، و التي سيدت التعامل مع التافه والسطحي والسريع في سوق التواصل !!!

الاشكالية الأخرى هي انه و على الرغم من ان نسبة الاصدارات الجديدة للكتب قد ازدادت بنسبة عالية في الشعر والقصص والروايات وغيرها من المطبوعات لكن هذه الاصدارات تكدس هنا وهناك وتصل للبيوت وتوزع وتهدى في حفلات الاشهار، لكن للأسف الشديد ،لا أحد يقرأ هذه الكتب ؟ وأنا أجزم ومتاكدة ، بأن سوق القراءة قد سجل تراجعا خطيرا على الرغم من ثمن هاته الإصدارات المنخفض فإن هناك فئة  قليلة جدا تشتري هذه الاصدارات ، فهل الحياة التي نعيشها حقيقة لاتساعد على القراءة المنتظمة المتواصلة ، و تجعلها منحصرة في خاتة النخب الثقافية و المتقاعدين وكبار السن . لم يعد ثمة عشق وشوق لتصفح صحيفة يومية ،، فكيف إن تعلق الامر بكتاب يضم 400 صفحة مثلا ! من يستطع اليوم حفظ أبيات من الشعر لشعراء العصر الحديث ؟ كما كان الناس يحفظون الشعر القديم عن ظهر قلب ،،، اليوم لايستطيع أن يزعم أحد انه يحفظ مئات أو عشرات من أبيات الشعر لاقديمه ولا حديثه ،، نحن نبالغ في اعلامنا حينما نقول أن الحركة الثقافية بخير وان الشعب مثقف.

و حتى تدافع الناس فيكون الى المنتديات الثقافية، التي يغطيها  الاعلام ويسهب في الحديث عن المُحاضر او الكاتب أو الروائي ويتبارى الحضور بتصوير النشاط بآلاف الصور.  وهم ذات الحضور الذين يحضرون كل الامسيات ،، فالمقاعد دائما شبه خالية الا من هؤلاء الهواة  الذين يترددون باستمرار ويعرفون الأماكن التي تقام بها مثل هذه الانشطة ،، وأقولها بصراحة ،، المشهد الثقافي مخترق من أناس  ليس لهم علاقة بالكتابة ،، وهم الذين يُمثلون لحمة الثقافة اليوم من خلال التجمع والتواجد  مع الأصدقاء والصديقات وبرمجة الاحتفالات والأمسيات مع أصحاب الأندية الثقافية بهاجس البحث عن الشهرة والنجومية ،، والاعلان عنها بالفيس او المواقع الاخبارية والصحفية الأخرى وهكذا ،،، أما الاشكالية الأخرى في المشهد الثقافي فهي موضة التكريم والشهادات والجوائز تحت عناوين لم نسمع بها من قبل ؟! والقائمين على هذه المهمة هم أشخاص لاعلاقة لهم بالكتابة والثقافة يظهرون فجأة أمام الكاميرات في نهاية الحفل بعد أن يقوم عريف الحفل بتقديمهم أمام الحضور باسهاب طويل يتحدث عن ماضيهم وسيرهم الذاتية وحياتهم الحافلة بالمواقف والمراكز والوظائف والشهادات التي حصلوا عليها بكذب ونفاق وشخصنة كل ذلك باسم الثقافة والمثقفين .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!