لشكر يرفض هيمنة وتحكم الأغلبية وينبه لغياب التجانس بين مكوناتها الثلاث
لشكر يرفض هيمنة وتحكم الأغلبية وينبه لغياب التجانس بين مكوناتها الثلاث
عبر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، اليوم السبت، عن رفضه هيمنة وتحكم الأغلبية، معتبرا أن المكونات المشكلة للتحالف الحكومي على المستوى المركزي، وفي الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات، تسعى إلى “تكريس منطق الهيمنة والتحكم، رغم انعدام التجانس بين هذه المكونات وتعارض مصالحها في العديد من الأحيان”.
وأفاد لشكر أن هذا الوضع المختل، على المستوى الجهوي والمحلي، أدى إلى بروز تناقضات وصراعات عرقلت السير العادي في المؤسسات المنتخبة، مما أدى في الكثير من الأحيان إلى تعطيل العملية التنموية وعرقلة الأداء العمومي لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين.
ولفت الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في التقرير السياسي لدورة المجلس الوطني، إلى أن ذلك يثقل كاهل الإدارة الترابية من خلال توليها تدبير تناقضات الأغلبية في الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، بدل التفرغ لاختصاصاتها ومهامها المنصوص عليها قانونا.
وقال إن شدة التغول الذي وصلت إليه الحكومة جعلها تتغول حتى على مؤسسات الدولة، فعندما يتعلق الأمر بمستشار جماعي لا مسؤولية له تتوجه للقضاء الاستعجالي من أجل عزله كما حدث في فاس، وعندما يتعلق الأمر بملفات كبرى ومؤسسات كبرى كرئاسة جهة أو رئاسة مجلس عمالة أو جماعة في مركز أو قطب اقتصادي كبير، لا تحرك ساكنا.
وسجل الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن أول مرة توجهت الحكومة للقضاء الاستعجالي كان من أجل عزل مستشار جماعي من مهامه، في حين أنه في نفس المدينة هنالك من يتحمل مسؤولية رئاسة جماعة ومتابع في الملف نفسه، ولم يتخذ في حقه نفس الإجراء.
وأضاف في نفس السياق “الأكثر من ذلك يتم التحايل على القانون، لنكون أمام حالتين: البرلماني الذي ينتمي للمعارضة يتم عزله وإعلان المقعد شاغرا لإعادة الانتخابات، والبرلماني الثاني رغم أنه في السجن، يتقرر أنه فقط غاب مدة تزيد عن السنة في البرلمان، مما يتعين معه اعتبار مقعده شاغرا، وبالتالي تعويضه بوصيف لائحته. وكل ذلك من أجل الحفاظ على نفس القوة العددية لأحزاب الأغلبية وإضعاف المعارضة”.
وقال إنه يخشى على الوطن من هذا التغول خوفا من توظيف المؤسسات لضرب التوازن المؤسساتي وتكريس منطق الحزب الوحيد بنظام شمولي يتضمن ثلاثة أحزاب ضدا على المقتضيات الدستورية والديمقراطية والتي أسس لها الملك الحسن الثاني منذ الدستور الأول للبلاد، والتي ناضل من أجلها المغاربة، وعلى رأسهم مناضلي ومناضلات الاتحاد الاشتراكي.
وأبرز أن الاختلال المؤسساتي انعكس بصورة واضحة في البطء والتعثر التي عرفه الأداء الحكومي في تفعيل الأوراش الكبرى التي دعا إليها الملك، سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الاجتماعي.
وبحسب لشكر، ورغم انخراط الاتحاد الاشتراكي كمعارضة مسؤولة وبناءة في هذه الأوراش، وتيسير عملها في اعتماد التشريعات المؤطرة لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للاستثمار أو تعميم الحماية الاجتماعية لفائدة جميع المغاربة، فإن الحكومة، بتجاذباتها السياسية بين مكوناتها الداخلية وبحثها عن الخلاص الفردي، وبافتقادها للكفاءة السياسية والتشريعية والأخلاقية، لم تستطع التخلص من الهيمنة التقنية، والرفع من إيقاع أدائها لمسايرة الثورة الاجتماعية الهادئة التي أطلقها الملك.
وأشار إلى أن اليسار المؤمن بالمصلحة العامة وخدمة الوطن والمتشبع بمبادئ العدالة الاجتماعية وإنصاف الطبقات الفقيرة والمتوسطة، يظل قوة جذب حقيقية نحو التغيير البناء القائم على التراكمات السياسية والمؤسساتية والمجتمعية، “وليس على المزايدة والركوب على الأوضاع المتأزمة. فهذا اليسار هو من سيظل يناضل من أجل تطوير البناء الديمقراطي وتأهيل المؤسسات المنتخبة بما يمكن من إفراز نخب تمثيلية كفأة ونزيهة”.
ومن أجل لذلك، يؤكد لشكر، كانت الانطلاقة بمبادرة التنسيق الذي تمت بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، واللذان أعلنا عن توقيع وثيقة التصريح السياسي المشترك ، كخطوة في اتجاه تقوية العمل الهادف والبناء مع كل الفرقاء السياسيين والنقابيين والمدنيين المتطلعين إلى إعطاء نفس أقوى لمسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحتاجها البلاد.
وقال إن التراكمات الإيجابية التي حققتها المملكة على كافة المستويات تتطلب تقوية الجبهة الداخلية التي لا يمكن أن تكون إلا بتطوير الممارسة الديمقراطية وتأهيل الحياة السياسية وتخليقها. “وهو ما يستدعي توفير الشروط المناسبة لتعزيز الثقة في العمل السياسي، وإعادة الاعتبار للفاعل السياسي، وتوسيع مساحات المشاركة السياسية، خاصة بالنسبة للشباب والنساء”.
وهو ما يستلزم، بحسب لشكر، الإقدام على مبادرات جريئة لمحاربة الفساد وكل تمظهراته في الحياة السياسية والاقتصادية وداخل مختلف القطاعات، مع التقيد بالتوجيهات الملكية السامية في هذا المجال من أجل تحصين الخيارات الكبرى للمملكة المغربية في ما يتعلق بترسيخ دولة الحق والقانون وتفعيل المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأسهب الكاتب الأول للحزب “لنا اليقين أن الارتقاء بالمشهد السياسي الوطني وتخليق الحياة العامة رهين بالجدية التي دعا إليها الملك في خطاب العرش الأخير، كمذهب في الحياة والعمل العمومي من أجل خدمة المواطن، ودعم القدرات الاجتماعية والاستثمارية للمجتمع، ورعاية المصالح العليا للوطن، وكمنهج متكامل يقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة، وإشاعة قيم الحكامة والاستحقاق وتكافؤ الفرص”.
واعتبر أنه بالرغم من المبادرات والتوجيهات الملكية الحكيمة في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية، سواء في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية والدعم الفلاحي والدعم الاجتماعي المباشر ودعم السكن ومعالجة ندرة المياه ومحاربة الفساد، تفتقر الحكومة للجدية المطلوبة في مواكبة وتفعيل الأوراش الكبرى وتعثرا واضحا في تدبير الملفات المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها.
وأبرز أن الحكومة عجزت، خلال ما يقارب نصف ولايتها، من مواجهة تداعيات التضخم والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن، مما أدى إلى تضرر فئات اجتماعية عريضة من موجة الغلاء غير المسبوق، منبها إلى الارتدادات الخطيرة المحتملة للأوضاع الاجتماعية.
كما سجل الكاتب الأول للحزب عجز الحكومة عن معالجة احتجاجات هيئة التدريس، واصفا تدبيرها لملف التعليم بالارتجالي، سواء من حيث عدم قدرتها على احتواء الأزمة في بدايتها تجنبا لهدر الزمن التربوي، أو من حيث طريقتها المتذبذبة في تدبير الحوار مع النقابات.
“ولذلك، تحفظنا على منهجية تدبير الأزمة وما تسببت فيه من أخطاء كادت تؤدي بنا إلى سنة بيضاء أو على الأقل إلى منتوج تربوي ضعيف يخل بمصلحة التلميذات والتلاميذ. وقد استغربنا منذ بداية الأزمة كيف عجزت الحكومة على الالتقاط المبكر للحلول التي تقدمنا بها كمعارضة اتحادية بناءة ومسؤولة، والتي تجد نفسها مضطرة للأخذ بها في نهاية المطاف وبعد ضياع الوقت” يضيف إدريس لشكر.
وثمن في هذا الصدد منهجية الحوار الاجتماعي مع قطاع التعليم العالي والمخرجات التي أدت إليه، داعيا الحكومة إلى تعميمها على باقي القطاعات العمومية والقطاع الخاص من أجل تحسين دخل مختلف فئات الموظفين والأجراء في ظل الوضعية الاجتماعية المتأثرة بتداعيات التضخم وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات.
واعتبر أنه من غير المقبول أن لا يرى أثر الأوراش الاجتماعية الكبرى التي أطلقها الملك في مختلف المجالات، على حياة الشعب المغربي بسبب سوء التدبير الحكومي “الذي أدى، عكس ما كنا ننتظره، إلى خلق أجواء التوتر والاحتقان والمساهمة في تأجيجه.. وأن الدولة الاجتماعية ليست شعارا مجزأ”.
المصدر : مدار 21