كشف التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات أن معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد في المناطق القروية هو أكثر من نظيره المسجل في المناطق الحضرية، مشيرا إلى أنه وفقا لمسح سنة 2018، فقد بلغ معدل وفيات الأمهات 111 وفاة لكل 100 ألف مولود حي في العالم القروي، مقابل 44 في المجال الحضري، أي ما يمثل حوالي ثلاثة أضعاف العدد، مضيفا بأن الفرق يظهر كذلك حين قراءة المؤشر المتعلق بوفيات الأطفال حديثي الولادة، إذ بلغ في المناطق الحضرية 11.2 مقابل 16.3 في المناطق القروية.
وأكد التقرير أن نسبة انخفاض معدل وفيات الأمهات والمواليد الجدد تتباين حسب المستوى المعيشي والتعليمي، بين الوسطين الحضري والقروي، مبرزا أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في جوابها عن هذه الملاحظة، أقرّت بالتباين الذي جاء في المسح الوطني الذي تم القيام به سنة 2018، بالرغم من تحسين العرض الصحي بالعالم القروي، وفقا لتأكيدها، مشيرة إلى أن خفض هاته الوفيات يبقى رهينا بإيلاء الاهتمام اللازم بالمحددات الاجتماعية للصحة وتحسينها.
وتبين الأرقام الرسمية، أن المغرب قطع خطوات مهمة لتنفيذ أهداف الألفية للتنمية ثم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، في ارتباط بتقليص وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، مشيرة إلى أنه وفقا لمسح 2018، فقد انخفض معدل وفيات الأمهات من 112 لكل 100 ألف مولود حي خلال الفترة ما بين 2009-2010 ، إلى 72 خلال الفترة 2015-2016، كما تراجعت نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة خلال نفس الفترة من 21.7 لكل ألف ولادة حية إلى 13.6.
وإذا كانت بعض المعطيات الإحصائية تكشف عن تحقيق تقدم في تحسين ظروف متابعة الحمل والوضع والتكفل بالنساء الحوامل ومواليدهن، كما هو الحال بالنسبة كذلك لارتفاع عدد الفحوصات ما قبل الولادة، التي بلغت 88.5 في المئة سنة 2018 مقابل 77.1 في المئة سنة 2011، وكذا ارتفاع مؤشر التوليد تحت إشراف أطر مؤهلة، الذي انتقل من 74 سنة 2011 إلى 86.6 في المئة سنة 2018، فإن هناك نقائصا تتطلب بذل المزيد من الجهود، كما هو الحال بالنسبة للتباين المسجل بين المجالين القروي والحضري، وكذا استقرار المؤشر المتعلق بفحوصات ما بعد الولادة، الذي لم يتجاوز 22 في المئة سنة 2018، والذي تم وصفه، كما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، بالمحدود.
وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات قد وقف عند عدد من النقائص، في تفاصيلها التنظيمية والإدارية واللوجستيكية، مشيرا في هذا الصدد إلى افتقار عدة مؤسسات للولادة للمرافق والوحدات اللازمة للتكفل المناسب بالحوامل على وشك الولادة وبالمواليد الجدد، كالغرف الخاصة بالفحوصات، وغرف العمليات الخاصة بالتوليد، كما هو الحال بالنسبة للمراكز الاستشفائية الإقليمية لكل من إنزكان وتارودانت وسيدي سليمان، ومستشفيات القرب في الرماني وتيفلت وسوق الأربعاء، وكذا الحاضنات، خاصة في المركز الاستشفائي الجهوي لأكادير والمراكز الاستشفائية الإقليمية لكل من إنزكان وتارودانت، وكذا الأماكن الخاصة بالمشيمة، كما هو الشأن بالنسبة لمستشفيات ودور الولادة بجهات الشرق، وبني ملال خنيفرة، وسوس ماسة، فضلا عن افتقار غرفة العلميات بالمركز الاستشفائي الجامعي لمراكش للعديد من المكونات التي نصّ عليها الإطار المرجعي، لاسيما وحدة الرضع حديثي الولادة، وغيرها من الملاحظات المسجلة في هذا الإطار.
وفي السياق ذاته، وقف التقرير عند تدهور حالة بعض المباني والبنى التحتية المخصصة لرعاية النساء الحوامل على وشك الولادة والمواليد الجدد بمجموعة من المراكز الاستشفائية ودور الولادة، التي تعاني وبصفة متكررة من التسربات المائية المترتبة عن اهتراء شبكة الصرف الصحي ومن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، كما هو الشأن بالنسبة لتلك التابعة لجهة الرباط سلا القنيطرة، كمستشفى الولادة بالقنيطرة، ودور الولادة الصخيرات وعين عودة، وفي جهة بني ملال على مستوى المركز الاستشفائي الجهوي، ومستشفى واد زم، ودار الولادة أفورار، إلى جانب افتقار عدد من مرافق الولادة لمجموعة من التجهيزات التقنية الضرورية، كما هو الحال بالنسبة لما يهم شبكات توزيع السوائل الطبية على مستوى المركزين الاستشفائيين الجهويين للداخلة والرشيدية.