في الحاجة الى تغيير العقليات

0

 بقلم : مليكة بوخاري/ القنيطرة

بنبرة حادة وبجرعات زائدة وجه عاهل البلاد الملك محمد السادس أيده الله و نصره في احدى خطاباته التي عرى فيها مرة أخرى عن الخلل في الأداء الحكومي والإداري داخل الإدارات العمومية والأحزاب ولا زال يؤكد، خطاب لم يشخص فيه الداء ولم يحدد الأولويات، بل جاء هذه المرة حاسما، حاملا زلزالا سياسيا، أسفر عن ارتدادات عنيفة تلتها الإطاحة بمجموعة من الرموز السياسية والحزبية لمسؤوليتهم المباشرة والغير مباشرة  في خلخلة السلم الاجتماعي، من خلال خلق حالة تأزيم لهذا المشهد، بدل الانخراط في انجاز المشاريع وبرمجتها في الشمال ( على سبيل المثال منارة المتوسط).

حتما ان الأمم والشعوب التي سبقتنا في الريادة والتقدم خضعت لعملية غسل دماغ، وطهرت عقولها من الامراض النفسية والاجتماعية وكان حصنها في ذلك هو العلم و المعرفة والتشبع بالقيم النبيلة مع الانفتاح على كل ما يجلب الخير و السعادة لها و لأقوامها فقطعت أشواطا بعيدة في البحث العلمي و التكنولوجيا الرقمية و الاقتصادية .

فمتى كان التخلف و القمع و تمجيد الذات و عرقلة الديمقراطية و نبذ الاخر سببا من أسباب الرقي و الازدهار ؟

إن عقليات النخب اليوم سواء كانت في القطاع العام الخاص ، أغلبها لا زال يحن للزمن الماضي و لا زالت القبيلة و العرق تتحكم في جملة من التوجهات و القرارات المصيرية التي يتخذونها فتكون النتائج عكسية يتضرر منها الفرد و المجتمع على حد سواء و تصبح الدولة قاب قوسين أو أدنى من حافة الإفلاس. يجب إذن إعادة النظر في العقليات السائدة ، و القطع مع الممارسات الثقافية الماضوية، عقليات الخيانة و الشطط في استعمال السلطة ، و تبييض الأموال، و الارتشاء و المحسوبية و التطرف و العنف و حب الانتقام ، و هي عقليات سكيزوفرينية ، تسببت في إجهاض المشاريع التنموية ، فأصابت المجتمع بالعقم و الامراض المستعصية التي عجز الدجالون منهم على إيجاد مضادات حيوية تقضي على الإصابات أو على الأقل مرهمات تسكنها أو تخفف منها.

عقلية إعادة الإنتاج سئم منها المجتمع المغربي اليوم، و أصبح تواقا إلى غد أفضل تسوده المواطنة الحقة و الإخلاص في أداء الواجب ، و اعتبار المواطنين سواسية امام القانون وتغيب التسويف في الإدارات العمومية و دمقرطة الحياة الاجتماعية من خلال سن قضاء عادل و شفاف و ضمان تعليم نافع و شغل قار و سكن لائق ، و تغطية صحية كاملة و شاملة وتكافؤ الفرص بين المواطنين بدون تمييز و نبذ العنف و التطرف و إشاعة الحوار و التواصل ، وحسن الجوار .

لدينا نماذج تنموية في العالم ، في افريقيا  و أمريكا اللاتينية و اسيا و اوروبا لم تتقدم نهضتها على ثروات الغاز الطبيعي أو البترول و لا على معامل الصلب و الحديد و لكن بإعادة النظر في ثقافتها و تجديد عقليتها ثقافة المسكن و الملبس ثقافة التعايش و حسن الجوا ر ثقافة التمدن و التحضر ثقافة حسن التدبير و امتلاك المعرفة ثقافة الانفتاح و التواصل …

و ما دون ذلك سيبقى الداء مستفحلا تتوارثه الأجيال و يبقى الماء عكرا لكنه حلو المذاق لمن اسعفته الاقدار الاصطياد فيه يجني منه الغلة و يلعن الملة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!