اغتصاب الأطفال بين الجرم الفعلي و التبرير السلفي

0

القنيطرة / مليكة بوخاري

كشفت جريمة اغتصاب أطفال و طفلات المدرسة القرآنية بضواحي طنجة و التي كان ضحيتها 8 طفلات و 4 أطفال باعتراف الفاعل في حصيلة أولية تبقى مرشحة للارتفاع ، و تطرح خطين ذا علاقة بالموضوع ، و الأمر يتعلق بمحدودية القانون الجنائي في الحد من الظاهرة و سيادة منطق القبيلة السلفية في التعاطي مع القضية من منظري السلفية مناصرة لفقيه القبيلة .
الوقائع قد تتجاوز العدد المعلن عنه حاليا على اعتبار أن عملية الاغتصاب تمت خلال مدة تتجاوز الثمان سنوات مع افتضاض البكارة لثلاث طفلات وفق ما أعلنت عنه المحامية جميلة مولاي .
الأكيد و الواقعي أن يثير الحدث ردود فعل غاضبة و منددة ، و الحقيقة تبقى افضح مما وصل من معطيات ، و لولا تلك الطفلة التي تجرأت و قصت لوالدتها ما كان يفعله بها الفقيه قبل مدة لبقي الحدث طي الكثمان ، و لاغتصبت كل الطفولة بالمنطقة ، لكن صرخة الطفلة فقهت باقي الأمهات اللواتي مارسن الضغط على أبنائهن الذين كشفوا المستور، و لتزداد اللائحة اتساعا و تتساقط الشكايات الواحدة تلو الأخرى .
الجريمة مدانة بكل اللغات و المقاييس و المذاهب و الشرائع لكن أن يتجند شيخ السلفية الكتاني ليبرر “غزوة” فقيه طنجة ، كما لو الفقيه كان في معركة تحرير الأقصى و نصرة الإسلام فهذا الأمر مخجل و مقزز جدا “الزنى لا يثبت الا بأربعة شهود” ، قول يراد به باطل لنصرة القبيلة و مشايخ “الغزوات” الجليلة في نظر سلفينا المبجل .
إن الأخلاق كل لا يتجزأ و إدانة هتك عرض فتيات قاصرات و فض بكارتهن و عرض فتية واجب شرعي و إنساني على كل من يحمل درة إنسانية و شرف الانتماء لشرائع تجاهر برفض المظالم أنا كان مصدرها ، فما بالنا بطفولة بريئة اغتصبت في كتاب قراني ، و الرسول الأكرم كان قد أوصانا بعد ارتكاب المظالم و لا بتأييدها أو التستر عنها مهما كانت الظروف “حرمت الظلم على نفسي و على أمتي”.
قانونيا عد المشرع جريمة الاغتصاب من الجرائم الماسة بالآداب العامة ، وهي بالتالي ، جريمة تمس بالأخلاق من جهة ، وبالمجتمع من جهة أخرى .
الدكتور أحمد الخمليشي ، أشار في كتابه القانون الجنائي الخاص ، إلى أن الركن المادي لجريمة هتك العرض يتمثل في ملامسة الأماكن الجنسية و لا يفترض فعلا جنسيا .
المشرع ركز على عنصر عدم الرضا لقيام جريمة الاغتصاب ، و هو ما يميزه عن جرائم أخرى كالفساد والخيانة الزوجية مثلا .
القانون الجنائي المغربي في فصله 486 اعتبر الاغتصاب جريمة يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات ، غير أنه إذا كان سن الضحية يقل عن ثمان عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا ، فإن الجاني “يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة” .
و يؤكد الفصل 487 على ظروف التشديد في حق مرتكب جريمة الاغتصاب ، إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها ، أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها ، أو عند أحد من الأشخاص السالفة ذكرهم ، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا ، وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو بعدة أشخاص.
و هو ما يجب إن يفقهه فقيهنا السلفي ، فالنص واضح و الجرم مقرون بالاعتراف و وجود ثلاث فتيات قاصرات في عمر الزهور في وضعية افتضاض البكارة من طرف رئيس ديني و هو أمر محسوم فيه من الناحية القانونية فما بالك الشرعية .
أكيد أن هذا الحدث سيعيدنا إلى قضايا بيدوفايلات مراكش و غيرها من أحداث اغتصاب الطفولة التي من المفروض أن يتصدى لها المشرع بكل الصرامة المطلوبة .
محمد الخضراوي ، القاضي بمحكمة النقض ، دعا سابقا إلى سن قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة المجرمين مغتصبي الأطفال ، عن طريق حقن المحكوم عليه في جرائم اغتصاب الأطفال بمواد تقضي على رغباته الجنسية مدة زمنية معينة ، معترفا بأن القانون المغربي لا يحمي الأطفال من هذه الممارسات .
و أضاف القاضي الخضراوي في تصريح مع موقع “هسبريس” سابقا أن قضية اغتصاب عمران “جعلتني أبحث في النصوص القانونية والعمل القضائي المغربيين لعلي أجد فيهما ما يطفئ حرقة الأب وضمير المسؤول وصرخة الأم المكلومة”، مضيفا أن “المشرع المغربي ما زال يحمل بين ثناياه مجموعة من المواد لا تضمن الحماية الكافية ولا تجيب على كل الأسئلة”.
إن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت آخر هو حماية الحقوق والحريات و ضمان أمن الأفراد و الجماعات والتطبيق العادل للقانون ، بعيدا عن سلطة الهواتف أو تدخل السفارات أو المراجع السلفية التي تحاول تعويم الجريمة من موقع انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، و ضرورة ملائمة قوانيننا مع الواقع ، لجعلها أكثر إنصافا .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: عفوا هدا المحتوى محمي !!